2008-07-27

يوسف شاهين حوار خاص

boomp3.com


للذكرى انشر فقرة قصيرة من حوار مطول مع المخرج الراحل يوسف شاهين يعود تاريخه الى منتصف التسعينات بعد يوم من عرض شريطه المهاجر في افتتاح ايام قرطاج السينمائية على امل ان اتمكن قريبا من نشره كاملا سبق للحوار ان بث على امواج اذاعة تطاوين وسيعاد بثه خلال هذا الاسبوع كوثيقة وشاهدة ولحظة وفاء وسبق لي ان اشرت اليه ضمن تدونة سابقة عن يوسف شاهينhttp://ajrass.blogspot.com/2008/06/alli.html

يوسف شاهين الكاميرا حزن في العين

بدمع في القلب وحزن في العين
تلقيت خبر رحيل يوسف شاهين
جو الذي احببت ما ابدع
وعشقت ما جمل من صور حياتنا
المخرج الذي يستفز عقولنا في كل لقطة احتراما لانسانيتنا
المخرج الذي ظل يؤكد الى اخر لقطة في الكاميرا ان الحياة ممكنة وان الاغاني ممكنة
وان علينا ان نعلي اصواتنا ونحن نعلن حبنا للحياة وحقنا في الحياة
يوسف شاهين لن يضيف بعد اليوم بعضا من اللون والظل الى حياة الكاميرا
ولكن سيظل يعلمنا شأن المبدعين
ان الفن أبقى
والانسان أبقى

2008-07-18

مقطع من يوميات امراة نزار قباني


لماذا في مدينتنا ؟

نعيش الحب تهريباً وتزويراً ؟

ونسرق من شقوق الباب موعدنا

ونستعطي الرسائل

والمشاويرا

لماذا في مدينتنا ؟

يصيدون العواطف والعصافيرا

لماذا نحن قصديرا ؟

وما يبقى من الإنسان

حين يصير قصديرا ؟

لماذا نحن مزدوجون

إحساسا وتفكيرا ؟

لماذا نحن ارضيون ..

تحتيون .. نخشى الشمس والنورا ؟

لماذا أهل بلدتنا ؟

يمزقهم تناقضهم

ففي ساعات يقظتهم

يسبون الضفائر والتنانيرا

وحين الليل يطويهم

يضمون التصاويرا

أسائل دائماً نفسي

لماذا لا يكون الحب في الدنيا ؟

لكل الناس

كل الناس

مثل أشعة الفجر

لماذا لا يكون الحب مثل الخبز والخمر ؟

ومثل الماء في النهر

ومثل الغيم ، والأمطار ،

والأعشاب والزهر

أليس الحب للإنسان

عمراً داخل العمر ؟

لماذا لايكون الحب في بلدي ؟

طبيعياً

كلقيا الثغر بالثغر

ومنساباً

كما شعري على ظهري

لماذا لا يحب الناس في لين وفي يسر ؟

كما الأسماك في البحر

كما الأقمار في أفلاكها تجري

لماذا لا يكون الحب في بلدي

ضرورياً

كديوان من الشعر

انا نهدي في صدري

كعصفورين

قد ماتا من الحر

كقديسين شرقيين متهمين بالكفر

كم اضطهدا

وكم رقدا على الجمر

وكم رفضا مصيرهما

وكم ثارا على القهر

وكم قطعا لجامهما

وكم هربا من القبر

متى سيفك قيدهما

متى ؟

يا ليتني ادري

2008-07-17

لمن تدق اجراس الخميس 05




جرس اول


لها وله لبعض من الذاكرة المستعادة الذاكرة المثقلة بالخيبات المتوجة بلحظات شموخ لرميم عظام يتشكل رمزا لنظرة زائغة مترعة بعز لاسماء علقت بالذاكرة لاسماء تخترق النسيان لدلال لسمير لنزار وللاخرين جرس هذا الخميس

جرس لدلال

ثمة مشكل في علاقتنا بذاكرتنا نحن اميل للنسيان ذاكرتنا مليئة بشتى الثقوب الطبيعية والمصطنعة نحب ان ننسى ويزعجنا التذكر فنحن نبحث عن طمانينة حتى وان كنا نعرف انها خادعة استعادة رفات دلال المغربي يكشف ثقوب ذاكرتنا وذهابنا السريع الى النسيان
مواقف كثيرة ونصوص شتى كتبت في دلالة هذه الاستعادة وفي رمزية الاسم وفي حواف العملية
ثمة دلالات لابد منها (لم نخرج من حواف الاسم فلكل اسم دلالة) اولها الخروج من دائرة الارقام باعتبار الرقم الغاء وجود عدما وتشيئة الى امتلاك اسم حتى وان كان على شاهدة القبر باعتباره اعلان حضور/وجود واستحواذا على المعنى وثاني هذه الدلالات الرمزية هو الجنس دلال /المراة لاباعتبارها تاكيدا على التساوي المطلق في الفعل والموت والمعنى بين الجنسين بل اكثر من ذالك اعلان لقدرة المراة الفعلية والرمزية ممارسة فعل القيادة فعليا عبر قيادة مجموعتها في الزمان والمكان ورمزيا عبر قيادة فعل الاستعادة حتى كاد يقتصر بالاسم على رفاتها

جرس للكلام

في ارتباط بما سبق اقتطف ضمن هذه الفقرة بعض ماكتبه الروائي المتميز الياس خوري في جريدة القدس العربي منذ ايام حول هذا الموضوع
من بين جميع الاسماء استوقفني اسمها، دلال المغربي، وردة فلسطين. ابنة اللد التي كانت اول قائدة عسكرية في تاريخ النضال الفلسطيني المعاصر، والتي قادت اجرأ عملية فدائية في تاريخنا. الفتاة التي ولدت في مخيم صبرا عام 1958، وسقطت شهيدة في الطريق الساحلي بين حيفا وتل ابيب يوم السبت 11 آذار (مارس) 1978، بعد واحدة من اروع مغامرات البطولة في تاريخ المقاومة.
قبل ان تقود مجموعة مؤلفة من احد عشر فدائيا الي ارض الوطن، من خلال زوارق مطاطية، تم اتلافها وتدميرها لحظة الوصول الي الشاطئ الفلسطيني، .....ابنة العشرين، التي لم ترَ فلسطين الا لحظة الموت، فتاة في العشرين، سافرة الملامح، سمراء، واسعة العينين، تقود عشرة شبان في مثل عمرها، ينتمون الي فلسطين ولبنان واليمن، لا هدف لهم سوي الوصول الي الأرض، واعلان هويتها بدمهم المسفوك. ركبوا باخرة تجارية، وعندما وصلوا الي محاذاة الساحل الفلسطيني رموا زورقيهم المطاطيين في البحر، ثم رموا انفسهم وتسلقوا الزورقين، وعندما وصلوا الي شاطئ حيفا، اتلفوا الزورقين، معلنين ان العائد الي وطنه لا يعود من عودته،


جرس للقصيد

النظر الى نزار قباني- وغيره من الشعراء كل الشعراء - باعتباره منحرفا او حاملا لفكر منحرف ليس جديدا اوغريبا فهذا الحكم في جوهره تنصيص على كون معتنقيه لم يخرجوا بعد من القول باولوية الاتباع على الابداع وعلى النظر الى الابداع باعتباره بدعة فالكتابة عندهم تبكيت للناس اي اسكات لهم وكبت للعقل اذ هي لاتخرج عن كونها تفسيرا للنص الاوحد ودورانا على هامشه وتفصيلا لمعجمه وجمعا لشوارده عبر زاوية النظر هذه ليس مستغربا الحكم بانحراف كل الشعراء فالشاعر يحرف النص (بتشديد الراء) ويحرفه عن معناه وينحرف به عن دلالته
هذا الحكم لايزعجني بل هو جوهر الفعل الشعري ذالك ان الانسانية لم تتطور ولم ترتق ولم تتحقق جزئيا الا عبر انحرافها الدائم والمستمر عما اعتبر في لحظة ما نصا جامعا مانعا شافيا كافيا
هذا الموضوع اعود اليه مرة اخرى في تدوينة خاصة قريبا اما اليوم فاكتفي ضمن الفقرة التالية جرس النشيد بتعريف نزار قباني للبدعة

جرس النشيد



البدعة..

هي أن تخرج من بطن آلة التسجيل

وترتجل نصك....

البدعة عند العرب

معناها..

أن تهرب من المقبرة الجماعية

وتسكن في فيللا على البحر...

البدعة..

هي أن تخرج من علبة السردين

التي انتهت مدة استعمالها

وترمي نفسك

كالسمكة في البحر...

البدعة

هي أن تخلع قنبازك..

وقبقابك...

وطربوشك العثماني

وتصهل كحصانٍ

في براري الحرية..
نزار قباني

2008-07-03

لمن تدق اجراس الخميس 04

جرس اول
الصيف اخيرا بمتعه وعرقه بتعبه وسهراته المحببة باختناق نهاره بحثا عن بعض نسيم وتحرر الاجساد من ثقل الثياب
الصيف اخيرا بليله المتوثب لاحتلال بعض من ساعات النهار
الصيف اخيرا فمرحبا
جرس الكلام
لست ناقدا
ولم أقرأ قصيدة يوما بمنظار نقدي فلست امتلك الادوات النقدية المؤهلة لذلك
ولم احب نقادنا يوما ربما لانهم اقرب الى نصوص الموتى او لانهم لم يستطيعوا عدا بعضهم ان ينشئوا نصا عن النص بمعناه الابداعي
لذلك ظلت علاقتي بالنصوص والقصائد علاقة عشق وقراءتي قراءة عاشقة
أما ان تحب النص او لا تحبه
أن يفاجئك ان يزرع في جسدك رعشة تهزك وان يطلق في ذهنك طير الاسئلة وان يخا تل يقينياتك ويزرع حمى الشك بقلبك
ذاك هو النص الذي احب واعترف الان ان عدد هذه النصوص قد غدا نزرا قليلا
ولربما ما يكتبه محمود درويش وكذلك سعدي يوسف وبعض افراد اخرين من عصابة الشعر يحقق لي متعتي القصوى
جرس القصيد
ان يتحول نشر قصيدة جديدة لدرويش في القدس العربي الى حدث فيعني اننا نحتاج الشعر في حياتنا ولكننا في ذات الان نفتقده
ذاك دليل على الحاجة وعلى تقلص وجوده الفاعل في تشكيل ذائقتنا الفنية والجمالية والفكرية
الاحتفاء بالقصيد بقدر ماهو احتفاء بالشعر بقدر ماهو تكريس لسلطة الاسم سلطة الرمز (نحن غير قادين على الخروج عن السلطة في مطلق الامر ) ولكن الامر يبدو من زاوية اخرى مختلفا
فهذا التلهف للقصيد دليل على اننا نحتاج شعرا يفاجئنا وان الشعراء القادرين على احداث المفاجاة وبعث الدهشة فينا تقلص عددهم حتى كاد بنحصر في واحد هو محمود درويش
لم يخرج درويش شاعرا عن ادواته وتقنياته واحابيل لعبته الغوية المتقنة في قصيدة لاعب النرد ولكنه يفاجئ بسلاسة مذهلة ويفاجئ بقول لغوي تكاد نتسبه الى نفسك في بساطته ويفاجئ ايضا باعادة الاعتبا ر الى الصدفة الى العبث والى الهلام والسديم في ذات الان الذي تحتفي فيه القصيدة بالتفاصيل الدقيقة تطرح سؤال الوجود /الصدفة العبث
جرس المعنى
الصدفة أي لعنة /لعبة تلك
صنعتني في ليلة حب امي
لم اختر اسمي ولم اختر بلدي اولغتي لم اختر وقت مجيئي ولا وقت رحيلي
شكلي لم اختره وعيوبي
الصدفة تلك اللعنة المحببة
هي جوهر ماقال لاعب النرد محمود درويش عبثية الاشياء مناورتها ومداورتها انتباهنا الى فجيعة الوجود الكبرى العبث وداخل تلك الدوامة المفزعة ثمة اشياء بسيطة نحن نختارها ونمارسها تمنح عبثنا معنى اخر صداقاتنا حبيباتنا قناعاتنا وفوضانا الجميلة خمرا نعتقها وذنوبا نقترفها وامراة تحرقنا ونحرقها

جرس النشيد
اجمل مقاطع لاعب النرد
لا دور لي في حياتي
سوي أَنني ،
عندما عَـلَّمتني تراتيلها ،
قلتُ : هل من مزيد ؟
وأَوقدتُ قنديلها
ثم حاولتُ تعديلها ...
محمود درويش

2008-07-02

لاعب النرد قصيدة جديدة لمحمود درويش

اعيد نشر قصيدة الشاعر الكبير محمود درويش التي صدرت هذا اليوم في جريدة القدس العربي وغدا اعود لها في تعليق سريع ضمن" لمن تدق اجراس الخميس"


مَنْ أَنا لأقول لكمْ
ما أَقول لكمْ ؟
وأَنا لم أكُنْ حجراً صَقَلَتْهُ المياهُ
فأصبح وجهاً
ولا قَصَباً ثقَبتْهُ الرياحُ
فأصبح ناياً ...

أَنا لاعب النَرْدِ ،
أَربح حيناً وأَخسر حيناً
أَنا مثلكمْ
أَو أَقلُّ قليلاً ...
وُلدتُ إلي جانب البئرِ
والشجراتِ الثلاثِ الوحيدات كالراهباتْ
وُلدتُ بلا زَفّةٍ وبلا قابلةْ
وسُمِّيتُ باسمي مُصَادَفَةً
وانتميتُ إلي عائلةْ
مصادفَةً ،
ووَرِثْتُ ملامحها والصفاتْ
وأَمراضها :

أَولاً - خَلَلاً في شرايينها
وضغطَ دمٍ مرتفعْ
ثانياً - خجلاً في مخاطبة الأمِّ والأَبِ
والجدَّة - الشجرةْ
ثالثاً - أَملاً في الشفاء من الانفلونزا
بفنجان بابونج ٍ ساخن ٍ
رابعاً - كسلاً في الحديث عن الظبي والقُبَّرة

خامساً - مللاً في ليالي الشتاءْ
سادساً - فشلاً فادحاً في الغناءْ ...

ليس لي أَيُّ دورٍ بما كنتُ
كانت مصادفةً أَن أكونْ
ذَكَراً ...
ومصادفةً أَن أَري قمراً
شاحباً مثل ليمونة يَتحرَّشُ بالساهرات
ولم أَجتهد
كي أَجدْ
شامةً في أَشدّ مواضع جسميَ سِرِّيةً !

كان يمكن أن لا أكونْ
كان يمكن أن لا يكون أَبي
قد تزوَّج أُمي مصادفةً
أَو أكونْ
مثل أُختي التي صرخت ثم ماتت
ولم تنتبه
إلي أَنها وُلدت ساعةً واحدةْ
ولم تعرف الوالدة ْ ...
أَو : كَبَيْض حَمَامٍ تكسَّرَ
قبل انبلاج فِراخ الحمام من الكِلْسِ /

كانت مصادفة أَن أكون
أنا الحيّ في حادث الباصِ
حيث تأخَّرْتُ عن رحلتي المدرسيّة ْ
لأني نسيتُ الوجود وأَحواله
عندما كنت أَقرأ في الليل قصَّةَ حُبٍّ
تَقمَّصْتُ دور المؤلف فيها
ودورَ الحبيب - الضحيَّة ْ
فكنتُ شهيد الهوي في الروايةِ
والحيَّ في حادث السيرِ /

لا دور لي في المزاح مع البحرِ
لكنني وَلَدٌ طائشٌ
من هُواة التسكّع في جاذبيّة ماءٍ
ينادي : تعال إليّْ !
ولا دور لي في النجاة من البحرِ
أَنْقَذَني نورسٌ آدميٌّ
رأي الموج يصطادني ويشلُّ يديّْ

كان يمكن أَلاَّ أكون مُصاباً
بجنِّ المُعَلَّقة الجاهليّةِ
لو أَن بوَّابة الدار كانت شماليّةً
لا تطلُّ علي البحرِ
لو أَن دوريّةَ الجيش لم تر نار القري
تخبز الليلَ
لو أَن خمسة عشر شهيداً
أَعادوا بناء المتاريسِ
لو أَن ذاك المكان الزراعيَّ لم ينكسرْ
رُبَّما صرتُ زيتونةً
أو مُعَلِّم جغرافيا
أو خبيراً بمملكة النمل
أو حارساً للصدي !

مَنْ أنا لأقول لكم
ما أقول لكم
عند باب الكنيسةْ
ولستُ سوي رمية النرد
ما بين مُفْتَرِس ٍ وفريسةْ
ربحت مزيداً من الصحو
لا لأكون سعيداً بليلتيَ المقمرةْ
بل لكي أَشهد المجزرةْ

نجوتُ مصادفةً : كُنْتُ أَصغرَ من هَدَف عسكريّ
وأكبرَ من نحلة تتنقل بين زهور السياجْ
وخفتُ كثيراً علي إخوتي وأَبي
وخفتُ علي زَمَن ٍ من زجاجْ
وخفتُ علي قطتي وعلي أَرنبي
وعلي قمر ساحر فوق مئذنة المسجد العاليةْ
وخفت علي عِنَبِ الداليةْ
يتدلّي كأثداء كلبتنا ...
ومشي الخوفُ بي ومشيت بهِ
حافياً ، ناسياً ذكرياتي الصغيرة عما أُريدُ
من الغد - لا وقت للغد -

أَمشي / أهرولُ / أركضُ / أصعدُ / أنزلُ / أصرخُ / أَنبحُ / أعوي / أنادي / أولولُ / أُسرعُ / أُبطئ / أهوي / أخفُّ / أجفُّ / أسيرُ / أطيرُ / أري / لا أري / أتعثَّرُ / أَصفرُّ / أخضرُّ / أزرقُّ / أنشقُّ / أجهشُ / أعطشُ / أتعبُ / أسغَبُ / أسقطُ / أنهضُ / أركضُ / أنسي / أري / لا أري / أتذكَّرُ / أَسمعُ / أُبصرُ / أهذي / أُهَلْوِس / أهمسُ / أصرخُ / لا أستطيع / أَئنُّ / أُجنّ / أَضلّ / أقلُّ / وأكثرُ / أسقط / أعلو / وأهبط / أُدْمَي / ويغمي عليّ /

ومن حسن حظّيَ أن الذئاب اختفت من هناك
مُصَادفةً ، أو هروباً من الجيش ِ /

لا دور لي في حياتي
سوي أَنني ،
عندما عَـلَّمتني تراتيلها ،
قلتُ : هل من مزيد ؟
وأَوقدتُ قنديلها
ثم حاولتُ تعديلها ...

كان يمكن أن لا أكون سُنُونُوَّةً
لو أرادت لِيَ الريحُ ذلك ،
والريح حظُّ المسافرِ ...
شمألتُ ، شرَّقتُ ، غَرَّبتُ
أما الجنوب فكان قصياً عصيّاً عليَّ
لأن الجنوب بلادي
فصرتُ مجاز سُنُونُوَّةٍ لأحلِّق فوق حطامي
ربيعاً خريفاً ..
أُعمِّدُ ريشي بغيم البحيرةِ
ثم أُطيل سلامي
علي الناصريِّ الذي لا يموتُ
لأن به نَفَسَ الله
والله حظُّ النبيّ ...

ومن حسن حظّيَ أَنيَ جارُ الأُلوهةِ ...
من سوء حظّيَ أَن الصليب
هو السُلَّمُ الأزليُّ إلي غدنا !

مَنْ أَنا لأقول لكم
ما أقولُ لكم ،
مَنْ أنا ؟

كان يمكن أن لا يحالفني الوحيُ
والوحي حظُّ الوحيدين
إنَّ القصيدة رَمْيَةُ نَرْدٍ
علي رُقْعَةٍ من ظلامْ
تشعُّ ، وقد لا تشعُّ
فيهوي الكلامْ
كريش علي الرملِ /

لا دَوْرَ لي في القصيدة
غيرُ امتثالي لإيقاعها :
حركاتِ الأحاسيس حسّاً يعدِّل حساً
وحَدْساً يُنَزِّلُ معني
وغيبوبة في صدي الكلمات
وصورة نفسي التي انتقلت
من أَنايَ إلي غيرها
واعتمادي علي نَفَسِي
وحنيني إلي النبعِ /

لا دور لي في القصيدة إلاَّ
إذا انقطع الوحيُ
والوحيُ حظُّ المهارة إذ تجتهدْ

كان يمكن ألاَّ أُحبّ الفتاة التي
سألتني : كمِ الساعةُ الآنَ ؟
لو لم أَكن في طريقي إلي السينما ...
كان يمكن ألاَّ تكون خلاسيّةً مثلما
هي ، أو خاطراً غامقاً مبهما ...

هكذا تولد الكلماتُ . أُدرِّبُ قلبي
علي الحب كي يَسَعَ الورد والشوكَ ...
صوفيَّةٌ مفرداتي . وحسِّيَّةٌ رغباتي
ولستُ أنا مَنْ أنا الآن إلاَّ
إذا التقتِ الاثنتان ِ :
أَنا ، وأَنا الأنثويَّةُ
يا حُبّ ! ما أَنت ؟ كم أنتَ أنتَ
ولا أنتَ . يا حبّ ! هُبَّ علينا
عواصفَ رعديّةً كي نصير إلي ما تحبّ
لنا من حلول السماويِّ في الجسديّ .
وذُبْ في مصبّ يفيض من الجانبين .
فأنت - وإن كنت تظهر أَو تَتَبطَّنُ -
لا شكل لك
ونحن نحبك حين نحبُّ مصادفةً
أَنت حظّ المساكين /

من سوء حظّيَ أَني نجوت مراراً
من الموت حبّاً
ومن حُسْن حظّي أنيَ ما زلت هشاً
لأدخل في التجربةْ !

يقول المحبُّ المجرِّبُ في سرِّه :
هو الحبُّ كذبتنا الصادقةْ
فتسمعه العاشقةْ
وتقول : هو الحبّ ، يأتي ويذهبُ
كالبرق والصاعقة

للحياة أقول : علي مهلك ، انتظريني
إلي أن تجفُّ الثُمَالَةُ في قَدَحي ...
في الحديقة وردٌ مشاع ، ولا يستطيع الهواءُ
الفكاكَ من الوردةِ /
انتظريني لئلاَّ تفرَّ العنادلُ مِنِّي
فاُخطئ في اللحنِ /
في الساحة المنشدون يَشُدُّون أوتار آلاتهمْ
لنشيد الوداع . علي مَهْلِكِ اختصريني
لئلاَّ يطول النشيد ، فينقطع النبرُ بين المطالع ،
وَهْيَ ثنائيَّةٌ والختامِ الأُحاديّ :
تحيا الحياة !
علي رسلك احتضنيني لئلاَّ تبعثرني الريحُ /

حتي علي الريح ، لا أستطيع الفكاك
من الأبجدية /

لولا وقوفي علي جَبَل ٍ
لفرحتُ بصومعة النسر : لا ضوء أَعلي !
ولكنَّ مجداً كهذا المُتوَّجِ بالذهب الأزرق اللانهائيِّ
صعبُ الزيارة : يبقي الوحيدُ هناك وحيداً
ولا يستطيع النزول علي قدميه
فلا النسر يمشي
ولا البشريُّ يطير
فيا لك من قمَّة تشبه الهاوية
أنت يا عزلة الجبل العالية !

ليس لي أيُّ دور بما كُنْتُ
أو سأكونْ ...
هو الحظُّ . والحظ لا اسم لَهُ
قد نُسَمِّيه حدَّادَ أَقدارنا
أو نُسَمِّيه ساعي بريد السماء
نُسَمِّيه نجَّارَ تَخْتِ الوليد ونعشِ الفقيد
نسمّيه خادم آلهة في أساطيرَ
نحن الذين كتبنا النصوص لهم
واختبأنا وراء الأولمب ...
فصدَّقهم باعةُ الخزف الجائعون
وكَذَّبَنا سادةُ الذهب المتخمون
ومن سوء حظ المؤلف أن الخيال
هو الواقعيُّ علي خشبات المسارح ِ /

خلف الكواليس يختلف الأَمرُ
ليس السؤال : متي ؟
بل : لماذا ؟ وكيف ؟ وَمَنْ

مَنْ أنا لأقول لكم
ما أقول لكم ؟

كان يمكن أن لا أكون
وأن تقع القافلةْ
في كمين ، وأن تنقص العائلةْ
ولداً ،
هو هذا الذي يكتب الآن هذي القصيدةَ
حرفاً فحرفاً ، ونزفاً ونزفاً
علي هذه الكنبةْ
بدمٍ أسود اللون ، لا هو حبر الغراب
ولا صوتُهُ ،
بل هو الليل مُعْتَصراً كُلّه
قطرةً قطرةً ، بيد الحظِّ والموهبةْ

كان يمكن أن يربح الشعرُ أكثرَ لو
لم يكن هو ، لا غيره ، هُدْهُداً
فوق فُوَهَّة الهاويةْ
ربما قال : لو كنتُ غيري
لصرتُ أنا، مرَّةً ثانيةْ

هكذا أَتحايل : نرسيس ليس جميلاً
كما ظنّ . لكن صُنَّاعَهُ
ورَّطوهُ بمرآته . فأطال تأمُّلَهُ
في الهواء المقَطَّر بالماء ...
لو كان في وسعه أن يري غيره
لأحبَّ فتاةً تحملق فيه ،
وتنسي الأيائل تركض بين الزنابق والأقحوان ...
ولو كان أَذكي قليلاً
لحطَّم مرآتَهُ
ورأي كم هو الآخرون ...
ولو كان حُرّاً لما صار أُسطورةً ...

والسرابُ كتابُ المسافر في البيد ...
لولاه ، لولا السراب ، لما واصل السيرَ
بحثاً عن الماء . هذا سحاب - يقول
ويحمل إبريق آماله بِيَدٍ وبأخري
يشدُّ علي خصره . ويدقُّ خطاه علي الرمل ِ
كي يجمع الغيم في حُفْرةٍ . والسراب يناديه
يُغْويه ، يخدعه ، ثم يرفعه فوق : إقرأ
إذا ما استطعتَ القراءةَ . واكتبْ إذا
ما استطعت الكتابة . يقرأ : ماء ، وماء ، وماء .
ويكتب سطراً علي الرمل : لولا السراب
لما كنت حيّاً إلي الآن /

من حسن حظِّ المسافر أن الأملْ
توأمُ اليأس ، أو شعرُهُ المرتجل

حين تبدو السماءُ رماديّةً
وأَري وردة نَتَأَتْ فجأةً
من شقوق جدارْ
لا أقول : السماء رماديّةٌ
بل أطيل التفرُّس في وردةٍ
وأَقول لها : يا له من نهارْ !

ولاثنين من أصدقائي أقول علي مدخل الليل :
إن كان لا بُدَّ من حُلُم ، فليكُنْ
مثلنا ... وبسيطاً
كأنْ : نَتَعَشَّي معاً بعد يَوْمَيْنِ
نحن الثلاثة ،
مُحْتَفلين بصدق النبوءة في حُلْمنا
وبأنَّ الثلاثة لم ينقصوا واحداً
منذ يومين ،
فلنحتفل بسوناتا القمرْ
وتسامُحِ موت رآنا معاً سعداء
فغضَّ النظرْ !

لا أَقول : الحياة بعيداً هناك حقيقيَّةٌ
وخياليَّةُ الأمكنةْ
بل أقول : الحياة ، هنا ، ممكنةْ

ومصادفةً ، صارت الأرض أرضاً مُقَدَّسَةً
لا لأنَّ بحيراتها ورباها وأشجارها
نسخةٌ عن فراديس علويَّةٍ
بل لأن نبيّاً تمشَّي هناك
وصلَّي علي صخرة فبكتْ
وهوي التلُّ من خشية الله
مُغْميً عليه

ومصادفةً ، صار منحدر الحقل في بَلَدٍ
متحفاً للهباء ...
لأن ألوفاً من الجند ماتت هناك
من الجانبين ، دفاعاً عن القائِدَيْنِ اللذين
يقولان : هيّا . وينتظران الغنائمَ في
خيمتين حريرَيتَين من الجهتين ...
يموت الجنود مراراً ولا يعلمون
إلي الآن مَنْ كان منتصراً !

ومصادفةً ، عاش بعض الرواة وقالوا :
لو انتصر الآخرون علي الآخرين
لكانت لتاريخنا البشريّ عناوينُ أُخري

أُحبك خضراءَ . يا أرضُ خضراءَ . تُفَّاحَةً
تتموَّج في الضوء والماء . خضراء . ليلُكِ
أَخضر . فجرك أَخضر . فلتزرعيني برفق...
برفق ِ يَدِ الأم ، في حفنة من هواء .
أَنا بذرة من بذورك خضراء ... /

تلك القصيدة ليس لها شاعر واحدٌ
كان يمكن ألا تكون غنائيَّةَ ...

من أنا لأقول لكم
ما أَقول لكم ؟
كان يمكن أَلاَّ أكون أَنا مَنْ أَنا
كان يمكن أَلاَّ أكون هنا ...

كان يمكن أَن تسقط الطائرةْ
بي صباحاً ،
ومن حسن حظّيَ أَني نَؤُوم الضحي
فتأخَّرْتُ عن موعد الطائرةْ
كان يمكن أَلاَّ أري الشام والقاهرةْ
ولا متحف اللوفر ، والمدن الساحرةْ

كان يمكن ، لو كنت أَبطأَ في المشي ،
أَن تقطع البندقيّةُ ظلِّي
عن الأرزة الساهرةْ

كان يمكن ، لو كنتُ أَسرع في المشي ،
أَن أَتشظّي
وأصبح خاطرةً عابرةْ

كان يمكن ، لو كُنْتُ أَسرف في الحلم ،
أَن أَفقد الذاكرة .

ومن حسن حظِّيَ أَني أنام وحيداً
فأصغي إلي جسدي
وأُصدِّقُ موهبتي في اكتشاف الألمْ
فأنادي الطبيب، قُبَيل الوفاة، بعشر دقائق
عشر دقائق تكفي لأحيا مُصَادَفَةً
وأُخيِّب ظنّ العدم

مَنْ أَنا لأخيِّب ظنَّ العدم ؟مَنْ أنا ؟ مَنْ أنا

2008-07-01

تعبير كتابي العاب لغوية



يحتاج التعبير الى حرية كي يكون
وتحتاج الحرية الى ان تعبر عن حاجتنا لها كي تتحقق
التعبير يتطلب تعبا كي نستنشق عبير الحرية دون عتب اواعتبار
التعبير هو الا تتبع احدا
فان تبعت فانت من العير كاي بعير
تبيع ربيع الحرية بان تعلن بيعتك لاي تبع * يقودك الى بر الهاوية ويلقي بك في البير
يحتاج الامر ان تكون رب امرك وتعرب عن ذلك عبر قولك لا





*التبع الملك في اليمن القديم